إن سوق العقارات في سوريا يواجه مفارقة محيرة. فمن ناحية، هناك فائض واضح من العقارات، حيث تظل العديد من الوحدات شاغرة وسط اقتصاد متعثر. ومن ناحية أخرى، تظل الأسعار مرتفعة بعناد، وتتحدى المنطق وتجعل امتلاك المسكن حلمًا بعيد المنال بالنسبة لمعظم السوريين.
وعلى الرغم من العرض المفرط للعقارات والاقتصاد المتعثر (بما في ذلك الانخفاضات الأخيرة في أسعار المواد الغذائية والدولار الأميركي)، فإن مبيعات العقارات لا تزال نشطة بشكل مدهش. ويمكن أن يعزى هذا الاتجاه غير المنطقي إلى عدة عوامل رئيسية:
- هروب رأس المال والحفاظ على الثروة:
انخفاض قيمة العملة: حتى مع انخفاض قيمة الدولار مؤخرًا، لا تزال الليرة السورية غير مستقرة إلى حد كبير. ويظل بيع العقارات وتحويل الأموال إلى عملات أكثر استقرارًا (مثل الدولار الأمريكي أو اليورو) استراتيجية أساسية للحفاظ على الثروة.
الخوف من المزيد من الانهيار الاقتصادي: إن الخوف من عدم الاستقرار الاقتصادي في المستقبل، بما في ذلك التضخم المحتمل وانخفاض قيمة العملة، يدفع الكثيرين إلى تصفية الأصول كشكل من أشكال التخفيف من المخاطر.
الاستثمار في الخارج: غالبًا ما يتم استخدام العائدات من مبيعات العقارات للاستثمار في أصول خارج سوريا، مثل العقارات أو الشركات في بلدان أكثر استقرارًا.
- البيع القسري والصعوبات الاقتصادية:
تحصيل الديون: أدى الركود الاقتصادي والبطالة إلى زيادة الصعوبات المالية. وأصبح العديد من السوريين غير قادرين على الوفاء بالتزاماتهم المالية، مما أدى إلى اضطرارهم إلى بيع ممتلكاتهم لسداد الديون.
احتياجات البقاء: قد تجبر الصعوبات الاقتصادية وارتفاع تكاليف المعيشة (على الرغم من انخفاض أسعار المواد الغذائية مؤخرًا، إلا أن السلع الأساسية الأخرى لا تزال باهظة الثمن) الأفراد على بيع ممتلكاتهم لتغطية نفقات المعيشة الأساسية، أو التكاليف الطبية، أو الهجرة.
- عدم اليقين السياسي والخوف:
عدم الاستقرار والصراع على السلطة: شهدت فترة ما بعد تغيير النظام حالة مستمرة من عدم الاستقرار السياسي والصراع على السلطة وإمكانية تجدد الصراع. وهذا يخلق مناخًا من الخوف وعدم اليقين، مما يدفع العديد من الأشخاص إلى تصفية أصولهم كشكل من أشكال التخفيف من المخاطر.
عدم اليقين بشأن حقوق الملكية: إن الافتقار إلى حقوق الملكية الواضحة وإمكانية نشوء نزاعات أو مصادرة مستقبلية على الملكية يعمل على تحفيز مبيعات العقارات بشكل أكبر.
العوامل النفسية:
تحيز الترسيخ: قد يكون أصحاب العقارات مرتبطين بأسعار ما قبل الحرب أو التقييمات السابقة، مما يجعلهم مترددين في خفض أسعارهم المطلوبة بشكل كبير.
الخوف من تفويت الفرصة (FOMO): قد يخشى بعض البائعين من أنه إذا خفضوا أسعارهم الآن، فقد يفوتون فرصة انتعاش الأسعار في المستقبل، خاصة إذا استقر الوضع السياسي والاقتصادي.
الافتقار إلى الشفافية ومعلومات السوق:
توافر محدود للبيانات: البيانات الموثوقة عن أسعار العقارات واتجاهات السوق وأسعار الإيجار نادرة. وهذا الافتقار إلى الشفافية يجعل من الصعب على كل من المشترين والبائعين تقييم القيمة السوقية بدقة.
Information Asymmetry: Sellers may have better information about market conditions and potential buyers than buyers themselves. This information asymmetry can give sellers an advantage in negotiations.
المضاربة والاكتناز:
الاستثمار طويل الأجل: قد ينظر بعض أصحاب العقارات إلى العقارات باعتبارها استثمارًا طويل الأجل، بغض النظر عن الظروف الاقتصادية الحالية. وقد يتمسكون بعقاراتهم تحسبًا لارتفاع الأسعار في المستقبل، حتى لو كان ذلك يعني التخلي عن الأرباح الفورية.
Role of Foreign Actors:
التأثير المحدود للظروف الاقتصادية المحلية: إن وجود المستثمرين الأجانب أو أولئك الذين لديهم القدرة على الوصول إلى العملات الأجنبية قد يؤدي إلى تشويه السوق المحلية. إن الطلب على العقارات، مدفوعًا بعوامل خارج الاقتصاد المحلي، يمكن أن يبقي الأسعار مرتفعة بشكل مصطنع.
عدد محدود من المشترين:
انخفاض القدرة الشرائية: على الرغم من انخفاض أسعار المواد الغذائية، إلا أن تكاليف المعيشة الإجمالية لا تزال مرتفعة بالنسبة للعديد من السوريين. وهذا يحد من مجموعة المشترين المحتملين ويقلل من قدرتهم الشرائية.
العوامل الاجتماعية والثقافية:
الملكية كرمز للمكانة الاجتماعية: في العديد من المجتمعات، يُنظر إلى ملكية العقارات باعتبارها رمزًا للثروة والمكانة الاجتماعية. وقد يؤثر هذا على قرارات التسعير، حيث قد يتردد البائعون في البيع بأسعار يرون أنها تقلل من مكانتهم الاجتماعية.
من المهم أن تتذكر:
وهذا وضع معقد ولا توجد له إجابات سهلة.
يتأثر سوق العقارات السوري بشكل كبير بالعوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تتطور باستمرار.
كل شيء يمكن أن يتغير في 13 يومًا)))
كل شيء يمكن أن يتغير في 13 يومًا)))